الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
صـاحـب السمـو أميـر مـونـاكـو، رئيـس مـؤسسـة الأميـر ألبيـر الثـانـي،
السيـدة المـديـرة العـامـة لليـونسكـو،
السيـد الأميـن التنفيـذي للجنـة اليـونسكـو الـدوليـة الحكـوميـة لعلـوم المحيطـات،
الشـركـاء المحتـرميـن لعِقـد الأمـم المتحـدة لعلـوم المحيطـات مـن أجـل التنميـة المستـدامـة،
حضـرات السيـدات والسـادة،
يسعدني اليوم أن أشارك معكم في هذا الاجتماع الثالث لحوار المؤسسـات، الذي تستضيفه مؤسستكم، مؤسسة الأمير ألبيـر، أمير موناكـو. وقد كان للمغرب شرف استضافة أشغال الاجتماع الثانـي، الذي احتضنه مركز الحسن الثاني الدولي للتكوين في البيئة ببوقنادل في 2022.
ويغمرني فيض من الغبطة والسرور، وأنا أرى ضفتي بحرنا الأبيض المتوسط تتناوبان على استضافة دورات هذا المنتدى، وأعاين عن كثب ما يمثله هذا البحـر، باعتباره محفزا على الوحدة والتعـاون، وباعثا على نبذ الفرقة والانفصــال.
صـاحـب السمـو،
إنه لشرف عظيم أن ألتقي بكم باعتباركم شريكاً مميزاً وموثوقـاً، وبالنظر إلى علاقات التعاون التي تجمعنا بكم منذ سنـة 2010.
السيـدة المـديـرة العـامـة،
نلتقي اليوم في هذا الاجتماع، لضمان سبل نجاح عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة. فقد انضممنا، بصفتنا عضواً مؤسساً، إلى هذا التحالف الذي أطلقته لجنة اليونسكو الدولية الحكومية لعلوم المحيطات، والذي يعد مشروعاً عالمياً هاما وشاملا، يهدف إلى بناء صرح “العلم الذي نحتاجه من أجل المحيط الذي نريـده”، خلال السنوات السبع القادمـة.
نلتقي هنا اليوم، للعمل من أجل هذا العقد، ونحن في انسجام تام مع الرسالة التي يحملهـا. فقد آمنا دوما بأن التحرك الفاعل هو أنجع طريق لخدمة القضايا التي ندافع عنهـا.
ففي المغرب، أطلقنا برنامج الشواطئ النظيفة منذ سنة 2001، برعاية سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السـادس، نصره الله، واعتمدنا مشروع اللواء الأزرق. كما قمنا بتأهيل بحيرة مارتشيكا الواقعة على الساحل المتوسطـي، وهي عبارة عن مجال بيئي متميز تضرر بفعل النفايات السائلة وأعيد إحياؤه الآن، بحيث استعادت فيه تربية المحار نشاطها من جديـد.
كما يشكل البرنامجان اللذان أطلقناهما منذ سنوات جزءا من برامج هذا العقـد، أولهما جوائز الساحل المستدام التي استُحدثت في سياق أحد برامجنـا، وهو برنامج الشواطئ النظيفـة.
وتهدف هذه الجوائز إلى تكريم ومكافأة المبادرات العملية في المغـرب، بما فيها تلك الهادفة إلى تثمين الشواطئ، وتنمية الشعاب المرجانية الاصطناعية من أجل صغار الأسمـاك، وإحداث محطات التطهير المتنقلـة، وإنجاز البحوث حول الطحالـب.
أما البرنامج الثاني فهو “بحر بلا بلاستيك”، وهو برنامج صيفي للتوعية، ويركز على تنظيف البحار من التلوث الناتج عن النفايات البلاستيكيـة. ويهدف بشكل أساسي إلى جمع النفايات ومعالجتها باعتماد مقاربة الاقتصاد الدائـري. وقد تمكنا بفضل هذه الحملة الواسعة النطاق من إذكاء الوعي بضرورة الحفاظ على نقاء البيئة، لدى الملايين من اليافعين والشباب والكبار، والشركات والجمعيات، والباحثين وسكان المناطق الساحليـة.
ونحن الآن بصدد اعتماد برنامج ثالث يتلاءم مع أهداف عقد الأمم المتحدة، ويرمي إلى دعم طلاب الجامعات في القارة الإفريقية، من أجل تعزيز معارفهم بشأن المحيطـات.
وبتعاون مع مركز الحسن الثاني الدولي للتكوين في البيئة، قمنا بإعداد أدوات تدريبية لاسيما عبر الإنترنـت، كما نعتزم تسخيرها خدمة لرسالة عقد الأمم المتحـدة. ولقد دأبنا على العمل في إطار شبكة تغطي كل القارة الإفريقيـة، إذ أطلقنا قبل أربع سنوات مركز الشباب الإفريقي للمنـاخ، الذي يُعنَى بإشراك الشبـاب، وتوفير التكوين عبر منصة إلكترونيـة، ودعم المشاريع واحتضانهـا.
كل هذه البرامج تجسد التزام المغرب التزاماً راسخاً بالتعاون مع بلدان القارة الإفريقيـة، وبانخراط شخصي من جلالة الملك محمد السـادس. وإذا كانت إفريقيا في حاجة إلى دعم كبير وواسع النطـاق، فنحن نسعى إلى بلورة خطوات مشتركة ملموسة وتقاسمها من أجل تنمية مستدامة ناجحة تعم ثمارها كل ربوع القـارة ؛ حيث تستهدف مبادراتنا إفريقيا وشبابهـا، وشباب بلدان الجنوب بشكل عـام، والذين ينبغي تعزيز قدرتهم على الصمود في وجه التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية التي تشمل تأثيراتها كل سكان القارة دون استثنـاء.
وقد شددنا على ذلك في إعلان بوقنادل، الذي قدمناه في مؤتمر لشبونة حول المحيطات في 2022، وسنجدد تأكيده مرة أخرى في مؤتمر برشلونة فـي 2024.
فعلينا أن نبادر باتخاذ إجراءات سريعة وحازمة من أجل حماية سواحلنـا، على امتداد المحيطين الأطلسي والهنـدي، من عواقب ارتفاع مستويات البحر ومن التلـوث. وهي دعوة أوجهها لقارتي، إفريقيـا، برمتهـا.
صـاحـب السمـو،
حضـرات السيـدات والسـادة،
إنني على يقين أن هذا النداء من أجل العمل سيجد لديكم آذانا صاغية، وسيحظى بكريم نظركم في أشغال اجتماعنا الذي أرجو أن يتكلل بالتوفيق والنجـاح.
والسـلام عليكـم ورحمـة الله تعـالـى وبـركـاتـه.