وتزامن هذا الواقع مع ظاهرة التلويث المستمرللبيئة المحلية بسبب كثرة السيارات والحافلات والشاحنات وما تنفت من ادخنة سامة وكذا بسبب الصناعات الكيماوية إضافة إلى ما تشكوه المدن على الخصوص للتخلص من النفايات ومن اللآثار الخطيرة التي تحدثها المنشآت الانتاجية التي اخدت تكتسح المناطق الخضراء والتي أصبحت بحكم الانتشار العمراني توجد داخل المدارات الحضرية.
ولم ينج البحر من هذا التلوث بما يلقي فيه من فضلات وما يصب فيه من مياه المصانع دون معالجة وما يرمي فيه من مخلفات البواخر والنفط المتسرب منها ثم بكثرة الاصطياد التي أفضت إلى ضعف إنتاج السمك وهروب بعض أنواعه.
وقد ترتب عن هذا الوضع المتردي مخاطر محدقة بالإنسان الذي أخذ يتكيف مع بيئة ملوثة يتعامل معها باللامبالاة وهو ما وصفه والدي المفدى جلالة الملك الحسن الثاني نصره الله في احدى رسائله السنية بالانتحار الجماعي.
في إحدى رسائله السنية بالانتحار الجماعي.
وان من أبرز مظاهر هذه المعاناة ما أصبح الإنسان يكابد من علل مستعصية سبق لمولانا أمير المؤمنين دام له العز والتمكين أن لفت الأنظار إليها في بعض رسائله السامية ذاكرا حفظه الله أن ما يناهز ثلث الأمراض الخطيرة المسجلة في المغرب أو في غيره من البلدان يعود بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلى تلوث البيئة.
إن هذه التنبيهات الملكية وما تتضمنه من توجيهات عالية لتحث على ضرورة الاعلان عن ميثاق وطني للبيئة يكون معززا بآليات متكاملة ومتناسقة تتحمل مسؤولياتها الجماعات والمقاولات والمواطنون كافة بدءا من توعية بيئية تركز على النظافة وتحسين طرق الانتاج وترشيد الاستهلاك حتى لا تستنزف الموارد الطبيعية أو تتقلص وهي غاية تقتضي إيقاف كل ما يؤثر سلبا على البيئة مع مواجهة عوامل تدميرها ومعالجة المشاكل الناتجة عنه في حرص على التوازن بين مستلزمات المحافظة على هذه البيئة من حيث مصدر للثروات وبين متطلبات التنمية المستديمة. وهذا ما لا يتسنى بغير إدراك المفهوم الحقيقي للبيئة وإشادته باعتبارها تتمثل في هذا الكون الذي خلقه الله عز وجل وأحسن خلقه وتقديره واستخلف الإنسان عليه وحمله أمانة تدبيره أي المحافظة عليه وتنميته وإتاحة ظروف استمرار الحياة البشرية فيه.
وإذا كان تنفيذ مثل هذا الميثاق يستلزم تعبئة شاملة ومتضامنة فان هذه التعبئة تحتاج إلى أن يشعر كل واحد بدوره الأساسي أينما كان سواء في الأسرة أو المدرسة أو مكان العمل أو الشارع أو الحديقة أو الشاطئ أو حتى وهو يركب سيارته الخاصة أو الحافلة العمومية. وان النداء ليتجه إلى الجمعيات المعنية بالبيئة والى ربات البيوت للتذكير بأن إنقاذ بيئتنا ينبغي أن ينطلق من المنزل حيث يتربى الأطفال من خلال بث المبادئ الدينية والوطنية وكذا من خلال السلوك اليومي على احترام المحيط الذي يعيشون فيه.
ويسعدني بهذه المناسبة أن أعلن عن إحداث جائزة سنوية تمنح لأجمل شاطئ عمومي وأنظفه على مستوى المغرب.
حضرات السيدات والسادة
لقد آن الأوان وقد حسنت النيات وفهمت المقاصد أن نشمر عن سواعد الجد ونشرع في العمل المثمر البناء. وان مغرب المسيرة الخضراء التي استرجعت الصحراء لقادر على اطلاق مسيرة لحماية البيئة. وان هذه المسيرة لتبدأ اليوم بالبلورة الفعلية لشعار “شاطئ نظيف”. وان التركيز على الشاطئ ليكتسي عدة دلالات أبرزها أهمية الماء في ديننا الحنيف إذ يقول الحق سبحانه في القرآن الكريم مبينا أنه قوام الحياة “وجعلنا من الماء كل شئ حي”. ويقول تعالى مبرزا علاقة الماء بالنظافة “وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به”.
وليس يخفى ان الطهارة في بعدها المادي والمعنوي جزء مهم من الإيمان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “الطهور شطر الإيمان”.
فلعلنا تحفزا من قيمنا الإسلامية الخالدة وتتبعا لها أن نتعبأ لمعركة بيئية نتجند لها جميعا باعتبارها معركة يومية علينا أن نخوضها في اتحاد والتحام وشعور بالمسؤولية. إننا إذا فعلناها كسبناها بعون الله وتوفيقه.
والسلام عليكم ورحمة الله