صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء
في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف
جلسة رفيعة المستوى حول شراكة التعليم الأخضر
الجمعة 8 ديسمبر 2023
الـحــمـــد لله، والـصــــلاة والـســـلام عــلـــى مــولانـــا رســـول الله وآلـــه وصــحـــبـــه.
أصحاب السعادة،
يسعدني أن أقف أمام هذا الحشد من القادة الشباب النابضين بالحيوية والشغف والإلهام، الذين يجعلونني أشعر بالثقة بينما نتصدى للتحديات التي يطرحها تغير المناخ. عندما بدأت مؤسستنا في نشر برامج التربية من أجل التنمية المستدامة، قبل عقدين من الزمن، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لم يكن من المحتمل أن نكون هنا اليوم.
فمن خلال توحيد جهودنا مع وزارة التربية الوطنية المغربية، قمنا بسرعة بإشراك جميع مدارسنا من أجل توفير توعية بيئية قوية لكل طالب. وقد ساعدْنا شبابَنا على فهم تغير المناخ وتأثيره على بيئتهم المحلية، من خلال إدراج الحقائق المحلية في المناهج الدولية، والاستفادة من خبرات المعلمين والمستشارين. وفي الآونة الأخيرة، قمنا بدمج أهداف التنمية المستدامة في مناهجنا المدرسية، في إطار برنامج للأمم المتحدة يُعد المغرب أحد البلدان التجريبية الثلاثة فيه. وقد بدأ هذا العمل يترجَم إلى تغيير حقيقي في سلوك شبابنا، كما يتضح لنا، هنا، اليوم.
منذ البداية، قمنا بتطوير أساليب التدريس التي تغتنم الفرص التي تتيحها الثورة الرقمية. وهذا ما دفعنا إلى توسيع نطاق مبادراتنا – للعمل مع الشباب في جميع أنحاء أفريقيا، وتعزيز وعي أكبر بشأن التحديات التي يطرحها تغير المناخ.
وهكذا، أطلقنا مبادرة “شبكة الشباب الإفريقي من أجل المناخ”، خلال قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي في عام 2019، بهدف ربط الشباب من جميع أنحاء أفريقيا ببعضهم البعض؛ وتطوير الخبرة المناخية؛ ودعم المبادرات الرائدة ذات الصلة بالتنمية المستدامة.
واليوم، تعزَّزت “شبكة الشباب الإفريقي من أجل المناخ” وأصبحت تضم أكثر من 18.000 عضو. وقد مكن برنامج الحاضنة في نسخته الأولى من تنفيذ 10 مشاريع في 9 دول أفريقية، أصبحت تدر اليوم ما يزيد عن نصف مليون دولار من الإيرادات الشهرية التراكمية. وفي ستة أشهر فقط، طورت هذه الشركات الناشئة 20 شراكة، وخلقت العديد من فرص العمل الجديدة. واستقطبت النسخة الثانية من البرنامج التي انتهت في أكتوبر 2023، 245 مشروعا مذهلا. وبينما نواصل سعينا لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من التكنولوجيا، فإننا لا نكتفي بالاعتراف بأهميتها، بل ندرك أيضا الفجوة التي ما فتئت تتسع بين الشمال والجنوب. وأخشى أن يؤدي انعدام المساواة في الوصول إلى البيانات والتكنولوجيا، إلى جانب الثورة الوشيكة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في قطاع التربية والتعليم، إلى توسيع الفجوات القائمة وتفاقم التباينات. وبالتالي، فمن الضروري أن ندرك ذلك ونتخذ إجراءات حاسمة.
ومن ناحية أخرى، نحن بحاجة إلى التعاون، وتوحيد جهود الفاعلين، وتمكين منظماتنا وجمعياتنا من الوصول إلى التمويل الدولي. علينا أن نساعد في تطوير القدرات الإدارية لهذه المنظمات، التي كثيرا ما تكافح من أجل الوصول إلى التمويل العالمي. ونعتقد أن تبسيط الإجراءات، وتعزيز الوصول إلى المعلومات والموارد، وتوسيع نطاق الدعم التقني، يشكلون عناصر حيوية لضمان عدم تخلف أي أحد عن الركب، في أي مكان. وينبغي أن يسمح ذلك أيضًا بحشد النوايا الحسنة التي لا يمكن الاستغناء عنها والدعم الفعلي من جميع أصحاب المصلحة.
وفي الختام، أدعو قادتنا الشباب المتحمسين، صانعي مستقبل العالم، إلى أن تكون لهم أحلام كبيرة، لأن كل شيء ممكن. كونوا مبدعين. تحدَّونا. قودونا إلى الأمام. حققوا طموحاتكم الكبرى. ولا تنسوا الاستفادة من حكمة من سبقوكم، وتعاملوا دائمًا مع البيئة بأقصى قدر من الاحترام، وواجهوا الصعوبات الراهنة، واعملوا على المستوى المحلي للتخفيف من التأثيرات، على النحو المطلوب بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. فمن خلال ربط طاقاتكم وإبداعاتكم بحكمة الأجيال السابقة، ستبنون مستقبلًا أكثر استدامة للجميع.
شكرًا لكم أيها القادة الشباب على التزامكم وإلهامكم.
والســلام علـيكــم ورحـمـة الله تعــالـى وبــركـاتــه