انعقد في التاسع من نونبر 2022، على هامش مؤتمر الأطراف كوب 27 بشرم الشيخ، في جناح لجنة مناخ حوض الكونغو، اجتماع موازيٌ رفيع المستوى بخصوص موضوع: «تمويل المناخ في صميم تفعيل لجنة مناخ حوض الكونغو والصندوق الأزرق لحوض الكونغو.”
وشارك في تنظيم هذا الحدث الرفيع المستوى جمهورية الكونغو، التي تتولى رئاسة لجنة مناخ حوض الكونغو، والمملكة المغربية، الشريك المؤسس للجان المناخ الأفريقية الثلاث.
وقد تشرف هذا الاجتماع بحضور صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، سفيرة النوايا الحسنة للجنة مناخ حوض الكونغو، التي يساهم التزامها وتعبئتها الحازمين لصالح البيئة في إسماع صوت اللجنة وإشعاع أعمالها.
وحضر الاجتماع أيضاً وزراء الدول الأعضاء في لجنة مناخ حوض الكونغو، ووزراء لجان المناخ لمنطقة الساحل والدول الجزرية، فضلاً عن كبار ممثلي الشركاء المؤسساتيين الدوليين من القطاعين العام والخاص، وسفراء النوايا الحسنة للجنة.
و جاء هذا الاجتماع في إطار مواكبة الروح المستوحاة من القمة الأولى للعمل الإفريقي من أجل انبثاق قاري، التي عُقدت في عام 2016 على هامش مؤتمر الأطراف كوب 22، بمبادرة رائدة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عاهل المملكة المغربية، واستمرارا للالتزام الدائم لرئيس جمهورية الكونغو، سعادة السيد دينيس ساسو نغيسو لتفعيل وتنفيذ خارطة طريق لجنة مناخ حوض الكونغو والصندوق الأزرق لحوض الكونغو.
وقد رحب المشاركون بالتقدم الفعال في تفعيل اللجنة وصندوقها الأزرق، الذي اتسم باعتماد خطتها الاستثمارية وآليتها المالية، وخطة الحكامة وكذا بنك التنمية الذي يحتضن ويدير الصندوق الأزرق لحوض الكونغو.
وتستجيب هذه التطورات للالتزام المالي الذي تم التعهد به في مؤتمر الأطراف كوب 26 في غلاسجو من قبل 12 من المانحين بمبلغ لا يقل عن 1.5 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الأربع المقبلة لدعم حماية الغابات وإدارتها المستدامة في حوض الكونغو.
ويقدم الصندوق الأزرق لحوض الكونغ دعما مباشرا للكفاح الذي يقوده المجتمع الدولي وخاصة 194 طرفا في الموقعين على اتفاقية باريس لإبقاء الاحتباس الحراري في 1,5 درجة مئوية كحد أقصى بحلول عام 2050، والذي سيكون دون شك معركة القرن الحادي والعشرين من أجل كوكب الأرض.
ويشير آخر تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه إذا لم يتم إيقاف اقتلاع الغابات الاستوائية بحلول عام 2030، فلن يتم تحقيق الطموح المشترك (الذي يتجسد في ارتفاع درجة حرارة 1.5 درجة مئوية). فالغابات الاستوائية تعد الآن آخر حصن ضد الاحترار غير المنضبط للكوكب مع ما يترتب على ذلك من عواقب لا رجعة فيها بالنسبة للعالم بأسره، ولكن في المقام الأول بالنسبة لسكان البلدان النامية الأكثر هشاشة والأكثر عرضة للكوارث الناتجة عن التغير المناخي.
و وفق السيد هوسونغ لي، رئيس الهيئة لحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن عدد الأشخاص الذين يعيشون بالفعل في بيئات «معرضة للغاية» لتغير المناخ يتراوح ما بين 3.3 و3.6 مليار شخص، ويتعرضون
لموجات الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر والأعاصير والظواهر الطبيعية المتطرفة الأخرى.
يشكل حوض الكونغو والدول الأفريقية الـ 16 التي تكونه، مع ما يقرب من 35٪ من أحواض الكربون في العالم متكونة من الغابات الاستوائية والأراضي الرطبة (أراضي الرّخّاخ وأشجار المانغروف)، جزءا أساسيا من معادلة محاربة تغير المناخ و يعتبر الصندوق الأزرق لحوض الكونغو أداته الرئيسية.
وستبلغ القدرة السنوية لدول حوض الكونغو على عزل الكربون بحلول عام 2030 أكثر من 1500 مليون طن أو 1.5 جيجا طن. ويمكننا القول إن حوض الكونغو سيستوعب 40٪ من الانبعاثات السنوية للاتحاد الأوروبي.
وبالنظر إلى أن متوسط سعر طن الكربون في سوق الكربون بالاتحاد الأوروبي هو 80 يورو، وأن متوسط ضرائب الكربون المطبقة في العالم هو 49 دولارات لكل طن من ثاني أكسيد الكربون، وأن برنامج LEAF المقترح من رئاسة المملكة المتحدة لمؤتمر الأطراف 26 هو 10 دولارات للطن، فإنه ينتج عن ذلك متوسط سعر للطن من الكربون السيادي عند 40 دولار للطن. ولذلك يمكن تحديد تكلفة الحفاظ على غابات حوض الكونغو بمبلغ 60 مليار دولار في السنة.
وقد تم الإعراب عن تأييد قوي واهتمام خاص بإنشاء آلية تنسيق مشتركة بين رئاسة اللجان الإفريقية الثلاث المعنية بالمناخ، وهي الكونغو والنيجر والسيشيل، وشريكها المؤسّس، المغرب، والوحدة المكلفة بالتغير المناخي التابعة لمفوضية الاتحاد الأفريقي. وستشكل هذه الآلية رافعة للتعجيل بحشد الدعم المتعدد الأوجه لعمل اللجان الثلاث وتحقيق أهدافها بإيصال، بشكل منسق، صوت الدول الإفريقية الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ و اتفاق باريس أعضاء هذه اللجان، إلى المؤسسات المالية الدولية والجهات المانحة.
وجدد المشاركون في هذا الاجتماع عن الإعراب عن تقديرهم للالتزام المستمر لجلالة الملك محمد السادس من أجل إفريقيا قوية وقادرة على التكيف مع آثار تغير المناخ العالمي. كما أشادوا أيضا بقيادة سعادة الرئيس السيد دينيس ساسو نغيسو، والجهود الجديرة بالثناء التي بُذلت لتفعيل لجنة مناخ حوض الكونغو وأداتها المالية، الصندوق الأزرق لحوض الكونغو.
وأشاد المشاركون أيضا بنجاعة عمل سفراء النوايا الحسنة للجنة مناخ حوض الكونغو واستمرار تعبئتهم لإيصال رسالة اللجنة والصندوق الأزرق لحوض الكونغو. كما دعا المشاركون السفراء الموقرين إلى الحفاظ على التزامهم ودعمهم بغية تكثيف رسائل الأمل والعمل التي تود لجنة مناخ حوض الكونغو تنفيذها من خلال أنشطتها وكافة الجهود التي تبذلها.
كما سُجّل بارتياح كبير إعادة تأكيد المؤسسات المالية التزامها بمواصلة دعم إجراءات لجنة مناخ حوض الكونغو واستعدادها لدعم تنفيذ الصندوق الأزرق لحوض الكونغو.
و رحبت اللجنة كذلك بعمل شركائها التقنيين، ولا سيما مركز الكفاءات للتغير المناخي بالمغرب (4C Maroc) الذي قدم الدعم التقني اللازم إلى اللجان الإفريقية المعنية بالمناخ وأبناك التنمية التي اختيرت لإيواء خطوط تمويل الصندوق الأزرق على نفس الأساس الذي استند إليه صندوق منطقة الساحل للمناخ. كما يعمل المركز على بناء القدرات وتبادل الخبرات والتجارب من خلال زيارات دراسية إلى المغرب.
وفي الختام، رحبت جميع الأطراف بنجاح هذا الاجتماع الموازي وأوصت بإنشاء آلية تتبع فعالة لتنفيذ التعهدات المعلنة.